للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: كيف نجيب عما أخبر الله به في كتابه أن من الناس من قتل الأنبياء بغير حق؟

فالجواب عن هذا من أحد وجهين:

الوجه الأول: أن المراد بالنصر أو الوعد بالنصر لمن أمر بالجهاد، فإن الله ينصره؛ لأن الله لا يكلفه بشيء إلَّا والعاقبة له فيه، وأما الذين قتلوا من الأنبياء فلم يؤمروا بالجهاد.

الوجه الثاني: أن نقول: إن النصر نوعان:

أ - نصر شخصٍ معين بمعنى أن الإنسان يدركه بشخصه.

ب - نصر معنوي بمعنى أن الله ينصر من جاء بهذا ولو بعد موته.

ولهذا نجد أقوال الأئمة -أئمة المسلمين- كأنهم أحياء بيننا، أقوالهم حية فكأنهم أحياء، إذا أخذت كتابًا لعالم من العلماء وقرأته وانتفعت به فكأنَّما درّسك هذا العالم، إذن هذا نصر، نصر لمبدئه وهدفه ودعوته.

وجه ثالث أيضًا: أن نوزع النصر على الزمن، فنقول: إن النصر قد يكون في الدنيا وقد يكون في الآخرة، والذين قتلوا من الأنبياء سوف يكون نصرهم في الآخرة عندما يختصمون مع أقوامهم، فإنَّ أهل الحق وأهل الباطل يوم القيامة يختصمون عند الله؛ يختصمون فيقضى بينهم فيما هم فيه يختلفون.

فلا تظنوا أن الخلاف الذي يقع بين أهل الحق وأهل الباطل ينتهي بالدنيا، كلا، سوف يحكم الله بينهم يوم القيامة وينصر أهل الحق {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: ٣]، {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>