للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشركوا ما نزل به لكانوا على صواب، لا؛ لأنه لا يمكن أن يأتي سلطان أي "حجة" على أن الله له شركاء.

فإذا قال قائل: ما الفائدة من ذكره هذا الوصف الذي يبيّن الواقع؟

قلنا: الفائدة في ذلك إقامة الحجة على أنه ليس لهم دليل في إشراكهم به؛ لأنهم بنوا على غير سلطان وعلى غير حجة، إذا كان كذلك فالغرض من هذا التنفير عن هذا الإشراك، عكس ذلك أن يأتي وصف لبيان الواقع من أجل الحث والإغراء على لزوم الحكم كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤] فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يدعو الخلق إلى ما يميتهم، وإنما يدعوهم إلى ما يحييهم. فالقيد إذن لبيان الواقع ولكن جيء به للحث والإغراء على إجابة دعوته، كما أن القيد الذي في الآية هذه {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} لبيان بطلان هذا الإشراك وأنه ليس له دليل.

قال: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} واعلم أن السلطان ما كان له سلطة، فالدليل يسمى سلطانًا، والأمير على القوم يسمى سلطاناً، وولاية الرجل على أهله سلطان، وهكذا كل من كانت له سلطة فإنه يسمى سلطانًا. قد يكون السلطان بمعنى القدرة على الشيء مثل قوله تعالى: {لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: ٣٣] أي بقدرة، ولا قدرة لكم على نفوذ أقطار السموات والأرض.

قال: {وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ}:

{وَمَأْوَاهُمُ} أي: مرجعهم النار، فهم -والعياذ بالله- مغلوبون في الدنيا وفي الآخرة، ففي الدنيا يلقي الله في قلوبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>