للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهد لهم، ولكن لأن الأمة أثنت عليهم وقد قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣]، ولما مرت جنازة من عند الرسول عليه الصلاة والسلام وهو جالس في أصحابه فأثنوا عليها خيرًا، قال: "وجبت" ثم مرت أخرى فأثنوا عليها شرًّا، قال: "وجبت" قالوا: ما وجبت؟ قال: "أما الأول فوجبت له الجنة، وأما الثاني فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض" (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار" (٢).

والمقصود أننا لا نشهد لأحد معين بجنة ولا نار، لكن يكفي أن نقول: الأصل في هذا أنه من أهل النار، هذا هو الأصل لكن لا نجزم بالأصل فيجوز أنه في آخر لحظة من حياته ألقى الله في قلبه الإيمان. فإنه إذا كان قد تاب ولم يحضره الموت فإن الله يتوب عليه. وعلى كل حال شهادتنا له بالنار لا توجب له النار، وعدم شهادتنا له بالنار لا تمنعه عن النار، إذن: لا فائدة من أن نلزم أنفسنا بالشهادة لهذا الشخص المعين بالنار.


(١) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب ثناء الناس على الميت، رقم (١٣٦٧). ورواه مسلم، كتاب الجنائز، باب فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى، رقم (٩٤٩).
(٢) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته، رقم (٣٣٣٢). ورواه مسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، رقم (٢٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>