للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَعْدَهُ}:

أي ما وعدكم به من النصر، ثم بيَّن موضع هذا الصدق فقال: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} فـ"إذ" هنا ظرف متعلق بصدق، أي صدقكم وعده حين حسستموهم بإذنه. وقوله: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} مضارع عبَّر به عن شيء ماضٍ على تقدير حكاية الحال؛ لأن القاعدة أن يعبر عن الماضي بصيغة الماضي، فيقال: قال زيد، لكنه عبَّر هنا عن الماضي بصيغة الحاضر لحكاية الحال لتقريب تصور الماضي في الذهن؛ لأن الماضي قد انقضى فربما يكون الإنسان ناسيًا له، فإذا صيغ بصيغة المضارع صار الماضي كأنه حاضر، وهذا ما يعبر عنه النحويون بحكاية الحال، حكاية الحال الماضي كأنها الآن واقعة من أجل أن يكون ذلك أقرب لحضورها في الذهن.

وقوله: {تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} الحس القتل أو أشد القتل، {تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} أي تقتلونهم أشد قتلة بإذن الله الكوني والشرعي، بإذنه الكوني لأنه قد وقع، وكل شيء قد وقع فإن الله قد أذن به كونًا، وبإذنه الشرعي لأن الله تعالى قد شرع لنا أن نقاتل الكفار فيكون قتلنا لهم مأذونًا فيه شرعًا، إذن في هذه الآية اجتمع الإذنان: الكوني والشرعي.

وقوله: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} أي تقتلونهم بإذنه، هذا نصر.

فإن قال قائل: وهل قُتل أَحدٌ من الكفار في يوم أُحد؟ .

فالجواب: نعم، قُتل منهم أكثر من تسعة رجال وانهزموا وفروا حتى رُئي النساء ينطلقن يصعدن في الجبل مذعورات

<<  <  ج: ص:  >  >>