للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له: أما علمت أن عثمان بن عفان تخلَّف عن غزوة بدر؟ قال: بلى تخلف، قال: أما علمت أنه فرَّ يوم أُحد؟ قال: بلى فرَّ. قال: أما علمت أنه لم يبايع بيعة الرضوان؟ قال: بلى. قال الخارجي: الله أكبر -يعني أنه انتصر- لأنه إنما سأل هذه الأسئلة الثلاثة ليقدح في عثمان - رضي الله عنه - فكبَّر الخارجي، فلما كبَّر قال له: أما وقد قلت فسأحدثك: أما تخلفه عن غزوة بدر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يبقى ليمرّض ابنته -أي: ابنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت مريضة- رقية -زوجة عثمان- فتخلَّف ليمرضها بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وضرب له النبي - صلى الله عليه وسلم - بسهمه وأجره، إذن لا يلام. أما فراره في أُحد فإن الله تعالى قال: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} وبعد العفو لا يبقى أثر الذنب. وأما تخلّفه عن بيعة الرضوان فإنه لا يوجد أحد من بطون قريش أعز من البطن الذي منه عثمان؛ لأنه بطن قوي في قريش، فلم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدًا أحق بأن يبعثه إلى قريش من عثمان فبعثه إلى قريش ليفاوضهم؛ لأن له مكانة، ثم إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بايع المؤمنين تحت الشجرة أخذ بيده الكريمة ووضعها على اليد الأخرى، وقال: هذه عن يد عثمان -الله أكبر- فكانت يد النبي عليه السلام خير من يد عثمان لعثمان، أليس كذلك؟ سبحان الله! ثم قال: اذهب بها إلى قومك أو كلمة نحوها، يعني أنت جئت تريد أن تقدح في أمير المؤمنين وصار الآن القدح -ولله الحمد- مدحًا.

فمثل هذه المسائل ينبغي للإنسان أن ينتبه لها ويكون حذرًا، فبعض الناس ربما يسأل سؤالًا ظاهره الاسترشاد ولكن يكون معناه النقد، فإذا جاء به على هذا الوجه ألقم الناقد حجرًا، وصار هذا من سوء فهمه.

وعلى كل حال فلكل مقام مقال، وليس معنى هذا أن نسيء

<<  <  ج: ص:  >  >>