٢ - أن من البلاغة أن يؤكد الخبر إذا كان الحال تقتضي ذلك، يؤخذ من قوله:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} حيث كان فيه قسم وتوكيد باللام وقد.
٣ - شدة عزيمة الصحابة رضي الله عنهم في طلب العدو؛ لأنه قال:{إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} والحس: القتل أو أشده كأنه يسمع له صوت عند القتل، وهكذا ينبغي للمسلمين أن يأتوا أعداءهم الحربيين على شدة وغلظة، كما قال الله تعالى:{وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ}[النساء: ١٠٤] يعني: لا تضعفوا في طلبهم، وانظر إلى هذه التعزية للصحابة:{وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء: ١٠٤].
٤ - أن النزاع والمعصية سبب لفوات كمال النصر؛ لأن المسلمين في أول الأمر انتصروا وقتلوا المشركين، لكن لما حدث هذا المانع امتنع أو انتفى كمال النصر.
٥ - أن مثل هذا الأمر -النزاع والمعصية- سبب للخذلان؛ تؤخذ من واقع الأمر؛ لأن قوله:{حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} جواب الشرط فيه محذوف، والمعنى أنكم خسرتم هذا النصر وخذلتم، ومن قرأ الغزوة تبين له ما حصل للصحابة من الأمور العظيمة التي ستأتي إن شاء الله عند قوله:{فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ}[آل عمران: ١٥٣].
٦ - المعصية بعد النعمة أشد من المعصية قبل النعمة؛ لقوله:{وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} وإلا لكان يقول: {وَعَصَيْتُمْ} فقط، لكن كون المعصية تقع بعد أن أراهم الله ما يحبون هذه أعظم، أعظم مما إذا لم يكن الله قد أراهم ما يحبون.