للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للخذلان، فيكون الاتفاق سبب للنصر وهو كذلك، الاجتماع اجتماع الناس على كلمة واحدة لا شك أنه سبب للنصر، ولهذا ينبغي لطلبة العلم وللعلماء أن لا يظهر خلافهم ونزاعهم أمام العامة، اختلاف الآراء لابد أن يكون، لكن كون كل واحد منهم يعيب على الآخر إن خالفه، هذا خطر عظيم جدًّا؛ لأن العامة ترى هذا النزاع فلا تثق بواحد منهم، على أن العامة أيضًا سوف يتفرقون، فالنزاع لا شك أنه سبب للخذلان والفشل وتمزق الأمة.

٨ - أن المدار كله على ما في القلب؛ لقوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} وكأن هذا -والله أعلم- فيه إشارة إلى أن سبب الجبن والنزاع والمعصية سوء النية من بعض مَنْ كان فيهم، ويمكن أن نجعل قوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} جملة استئنافية تعليلية لما حصل، ولا شك أن المدار كله على ما في القلب، وأنه متى كان القلب صالحًا صلح العمل، ومتى كان فاسدًا فسد العمل.

٩ - أنه قد يكون في خير القرون من يعاب عليه الفعل؛ لقوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} ولكن الصحابة رضي الله عنهم بخاصة لهم من الفضائل والسوابق والصحبة ما يكفّر ما حصل منهم من الآفات وغيرها، ولهذا للصحابة مزية على غيرهم، يعني المكفّرات العامة لكل أحد مثل (ما يصيب المؤمن من همٍّ ولا غمٍّ ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها عنه) (١). هذه عامة


(١) رواه الإمام أحمد في مسنده (٧٩٦٧) بلفظ: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا همٍّ ولا حزن، ولا أذى ولا غمٍّ حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله من خطاياه".

<<  <  ج: ص:  >  >>