للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكل أحد، لكن للصحابة أشياء خاصة توجب محو ما حصل منهم من السيئات، ويدلك على هذا أن منع أعظم المصائب وأكبر المعايب التجسس لحساب المشركين، ووقعت من حاطب - رضي الله عنه -، ولما استأذن عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتله قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" (١)، مع أن هذه مصيبة عظيمة، التجسس لحساب الكفار يوجب القتل ولو كان الإنسان مسلمًا؛ لأن هذا من السعي في الأرض فسادًا، ولهذا لم يقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا تقتله لأنه مسلم، بل قال: لا تقتله لأنه شهد بدرًا. وقد قال الله تعالى: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، ولهذا كان القول الصحيح الذي لا شك فيه أن الجاسوس يقتل ولو كان مسلمًا، ولو كان يصلي ليلًا ونهارًا فإنه يقتل.

١٠ - إثبات الأسباب؛ لقوله: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}، فإن سبب صرف الله هؤلاء عن الكفار هو ما حصل منهم من الفشل والتنازع والمعصية.

١١ - إثبات الحكمة في أفعال الله، فيكون في هذا ردٌّ على الجهمية ونحوهم ممن ينكرون حكمة الله عزّ وجل، ويقولون: إن الله يفعل لا لحكمة ولكن لمجرد مشيئة، ونحن نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى لا يفعل شيئًا ولا يشرع شيئًا إلا لحكمة، لكن من الحِكم ما هو معلوم للبشر وما هو مجهول لا تبلغه العقول.


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الجاسوس، رقم (٣٠٠٧). ورواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم، رقم (٢٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>