للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتقدير: (اذكروا إذ تصعدون) حتى تكون هذه الحال دائمًا على أذهانكم.

وقوله: {تُصْعِدُونَ} بضم التاء وهي غير (تَصعدون) بفتحها؛ لأن الصعود الرقي إلى أعلى كما قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠] أما الإصعاد فهو السير هربًا في أرض مستوية يقال: (أصعد) أي ذهب هاربًا أو مسرعًا في الأرض، وهذا هو الذي حصل للصحابة رضي الله عنهم ومنهم من صعد الجبل لكن المراد بقوله {إِذْ تُصْعِدُونَ} أي تهربون سراعًا في أرض مستوية؛ لأن أصعد مأخوذ من الصعيد و (الصعيد) وجه الأرض كما قال تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣].

قال: {وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} أي لا تعكفون أو تلتفتون إلى أحد، ولم يقل: لم تلتفتوا؛ لأن (الليَّ) أبلغ، و (اللي) هو الانعطاف على الشيء، هم لا يلوون على أحد هربًا أو خوفًا من قتل الكفار إياهم، وتصور المشهد كيف كان، حوالي سبعمائة نفر من خيار المؤمنين يهربون لا يبقى مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا نفر قليل، وانظر أيضًا قوله: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أخريات القوم هو الذي يلي الأعداء في الآخر يدعوكم يا عباد الله، كروا، ارجعوا، ولكن لشدة الأمر لا يلوون على أحد، وهذه قضية عظيمة ولكن الله قد عفا عنهم ولم يؤاخذهم بما جرى.

{وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ}:

{أُخْرَاكُمْ} يعني الآخر منكم؛ لأن من عادة النبي صلوات الله وسلامه عليه أن يكون في أخريات القوم، ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>