للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالملوك يأخذون الصدر بل هو كالراعي يكون في الآخِر يتفقد الرعية، فقد يحتاجه أحد عندما يتخلف بعيره أو فرسه، فيساعده. كما في قصة جابر - رضي الله عنه - لما رجعوا في سيرهم وكان على جمل قد تعب ولا يقدر على السير قال: فلحقني رسول الله عليه الصلاة والسلام، ودعا للجمل وضربه، ضرب الجمل ضربًا عاديًا، ودعا له فسار سيرًا لم يسر مثله قط، سبحان الله! كان لا يمشي إلا قليلًا، ثم أصبح جابر يرده في خطامه لئلا يسبق القوم -الله أكبر- هذه آية من آيات الله وآيات الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم قال له: "بعنيه" طلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من جابر أن يبيعه عليه (بعنيه بِوَقِيَّةٍ) والأوقية أربعون أو خمسون درهمًا ولكنه أبى، قال: لا أبيعه، والآن يساومه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بعنيه"، فباعه على النبي عليه السلام لكنه استثنى أن يحمله إلى المدينة فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - شرطه، ثم لما وصل المدينة وأتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عند باب المسجد، قال له: "أصليت؟ " قال: لا، قال: "ادخل فصلِّ ركعتين"؛ لأن السنة للمسافر إذا قدم بلده أن يبدأ قبل كل شيء بالمسجد يصلي فيه ركعتين، ثبت هذا من فِعْل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأَمْرِه (١)، وهذه سنة تفوت كثيرًا من الناس، ثم أعطاه الدراهم وجابر يريد أن يعطيه الجمل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتراني ماكستك لآخذ جملك؟ خذ جملك ودراهمك فهو لك" (٢).


(١) رواه أحمد في مسنده، رقم (٢٦٦٢٩).
(٢) رواه البخاري، كتاب الشروط، باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى، رقم (٢٧١٨). ورواه مسلم، كتاب المساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه، رقم (٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>