للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حقًّا هذا غاية ما يكون من الكرم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقصد بأن يتصدق عليه. بعض العلماء رحمهم الله قالوا: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يتصدق عليه بثمن الجمل ففعل هذه الحيلة، هذا غلط. لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يعرف كيف كان غلاء هذا الجمل في قلب جابر بعد أن كان عنده رخيصًا يريد أن يتركه، فطلب منه البيع، وإلا فالذي يظهر من قوله: "أتراني ماكستك لآخذ جملك" أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يرد الشراء من الأصل ولكنه أراد أن يعلم ما عند جابر - رضي الله عنه -.

قال تعالى: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} "أثابكم" الفاعل هو الله، ومعنى {فَأَثَابَكُمْ} أي: أعطاكم و {غَمًّا} هو الثواب الذي أعطاهم الله، فهو المفعول الثاني لأثابكم، والثواب هو المجازاة على العمل إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، حتى الإثابة على الشر تسمى ثوابًا، قال تعالى: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين: ٣٦] لكن إذا قرن الثواب بالعقاب صار العقاب الجزاء على السيئات، وصار الثواب الجزاء على الحسنات، وأمثال هذا في اللغة كثير، تكون الكلمة لها معنى إذا أفردت، ولها معنى إذا قُرنت بغيرها.

وقوله: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ}:

غمًّا: مفعول ثانٍ لأثابكم، بغمٍّ: الباء هنا قيل: إنها للمصاحبة، وقيل: إنها للمبادلة، وقيل: إنها بمعنى على، ولكل وجهة نظر، فأما الذين قالوا للمصاحبة، فقالوا: إن معناها أثابكم غمًا مصحوبًا بغم يعني مقترنًا به لم يفصل بينهما فاصل، غموم متتابعة، والذين قالوا إنها بمعنى "على"، يقولون: إن معناها

<<  <  ج: ص:  >  >>