فما المراد بهذا الأمن؟ قال:(نعاسًا) والنعاس: مقدمة النوم، وهو دليل على طمأنينة القلب؛ لأن الخائف لا يمكن أن يَنْعَس، لِأَنَّ قلبه مضطرب، لكن الآمن المطمئن ينعس، ولهذا قال:{نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} وفي قراءة: (تغشى طائفة منكم) فإذا كانت القراءة (تغشى) فالضمير يعود على أمنة. وإذا كانت القراءة (يغشى) فالضمير يعود على نعاسًا.
{يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ}:
أي يصيب طائفة، والغشيان في الأصل: التغطية، ومنه قوله تعالى:{وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[البقرة: ٧] وقوله: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ}[الأعراف: ٥٤]، لكن قد يراد به مجرد الإصابة وقد يراد به مع الإصابة أنه شملهم جميعًا. {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} الخطاب للمؤمنين.
{وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}:
يعني فلم يغشهم النعاس لماذا؟ لأن أنفسهم قد أهمتهم، وأوقعتهم في الهم؛ وهم من شدة قلقهم يقولون: لا ندري ما يكون، والذي هكذا حاله لا يأتيه النوم ولا يقربه النعاس، ولهذا قال:{قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} وطوى ذكر ترك عدم النعاس لأنه يعلم من حَار منهم فإنه لا يمكن أن ينعس إذا كانت قد أهمتهم أنفسهم.
جملة {يَظُنُّونَ} يجوز أن تكون خبرًا ثانيًا لقوله: {وَطَائِفَةٌ} والخبر الأول جملة (قد أهمتهم أنفسهم)، يعني: وطائفة أهمتهم أنفسهم وكذلك يظنون بالله غير الحق، ويجوز أن