للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - أن هذا الدين رحمة؛ لأن نهي الله عن الندم على ما مضى مصلحة للإنسان، لأنه يطمئن قلبه ولا يتحسر ولا يحزن، فإنه يقول لنفسه: هذا الأمر لابد أن يقع كما وقع، فلا حاجة لأن تقول: لو أني فعلت لما حصل؛ إنما تقول: لو أني فعلت في أمر تكون فرطت فيه، أما شيء لم يكن بتفريطك فهذا لا يحل لك أن تندم عليه.

٥ - أنه لو أن شخصًا سافر ثم صار عليه حادث، ثم قال أهله: لو أنه لم يسافر لما حصل له حادث. نفول: هذا من قول الكفار: {وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا}، هذا قول الكفار، والمؤمن لا يقول هذا، المؤمن يقول: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ويقول: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: ٨]، ويقول: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: ٣٨] وما أشبه ذلك من الآيات الدالة على أن الأمر بيد الله ولا يمكن أن يتغير المقدور عما وقع أبدًا.

٦ - أن هؤلاء المعترضين على القدر يكون اعتراضهم حسرة في قلوبهم، ولا ينسون المصيبة، وتجد الشيطان يلعب بهم (ليته ما راح، ليته ما غزا، ليته ما فعل. . .)، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام مشيرًا إلى هذا المعنى: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" (١)، وهل المراد القوي في بدنه يحمل الحجر الكبير ولا يبالي ولكن صلاته ضعيفة، أو المؤمن الذي لا يحمل إلا عشر كيلو أو ما شابه ولكنه يتهجد


(١) رواه مسلم، كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة، رقم (٢٦٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>