بالليل ويصوم ما شاء الله ويصلي الواجبات؟ . المراد الثاني، المؤمن القوي في إيمانه؛ لأن القوي وصف عائد على ما سبق، والمؤمن مشتق من الإيمان. إذن المؤمن القوي في إيمانه ولابد، وليس المؤمن القوي في بدنه، فلو قال: البدين القوي، قلنا: معناه القوي في بدنه، ولو قال: الرجل القوي، قلنا: في رجولته، لكنه قال: المؤمن القوي أي في إيمانه، وقوة البدن لا تمدح إلا إذا كان فيها زيادة قوة في الإيمان، وكثرة المال لا تمدح إلا إذا كان فيها زيادة في الإيمان، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف". ولما كان هذا الكلام من الصادق المصدوق قد يؤدي إلى انحطاط رتبة المؤمن الضعيف، لذلك قال:(وفي كل خير) جبرًا لما يتوهم من نقص الضعيف، وهذا الأدب من الرسول عليه الصلاة والسلام هو مما أدّبه الله به، قال الله عزّ وجل:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[الحديد: ١٠]، وقال:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}[النساء: ٩٥] فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير" ثم قال: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز" يعني لا تكسل أو تضعف عن الاهتمام بالعمل، وإن أصابك شيء بعد الحرص والاستعانة بالله والقوة في العمل فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان.