للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هنا واقعة في جواب القسم، واللام في لئن موطئة للقسم، وجواب الشرط محذوف. فإن قال قائل: كيف يحذف وهو ركن في الجملة؟ قلنا: لأنه وجد ما يسد مسده وهو جواب القسم.

يقول الله عزّ وجل: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ} الخطاب للمؤمنين {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي في الجهاد في سبيله، ويحتمل أن يكون أعم من ذلك بمعنى قتلتم في سبيل الله في الجهاد، أو قتلتم في سبيل الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو قتلتم في سبيل الله في الدعوة إليه، أو قتلتم في سبيل الله في بيان الحق، كل هذا داخل في سبيل الله؛ لأن الجامع بينها أن هذا قتل وهو يدافع عن دين الله عزّ وجل.

يقول الله عزّ وجل: {لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}: خير من الدنيا وما فيها.

وقوله سبحانه وتعالى: {أَوْ مُتُّمْ} نقول: إن المعنى أو مُتُّم في سبيل الله فيكون المراد به من مات في الجهاد؟ أو متُّم مطلقًا؟ الظاهر الثاني؛ لأن الله عزّ وجل لو أراد الأول لقال: (ولئن قتلتم أو متم في سبيل الله) فلما أخَّر (متم) عن القيد علم أنه غير مراد في الجملة الثانية، ولهذا يقول العلماء قاعدة، وهي: (أن كل قيد بشرط أو صفة أو استثناء أو غيره، إذا تعقب جملًا -أي: صار في آخرها- فهو عائد على الكل، وإن توسط عاد على ما سبق فقط دون ما تأخر عنه إلا ما دلَّ عليه الدليل)، وعلى هذا نطبق قول الله عزّ وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

<<  <  ج: ص:  >  >>