للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى، أي تفيد زيادة المعنى، وقد كره بعض العلماء أن نقول زائدة، أو أن نقول عن أي حرف في القرآن أنه زائد، قال: لأن القرآن لا زيادة فيه، ولكن نقول: إن المراد بقولنا زائدة: أي من حيث الإعراب لا من حيث المعنى، وقوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ} إذا جعلنا (ما) زائدة تكون رحمة مجرورة بالباء، وهذا في القرآن كثير، ومنه قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [النساء: ١٥٥] أي فبنقضهم ميثاقهم، ومنه قوله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: ٤٠] أي عن قليل.

وقوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}: الجار والمجرور متعلق بالفعل (لنت).

وقوله: {وَلَوْ كُنْتَ} "لو" هذه شرطية وفعل الشرط {كُنْتَ} وجوابه {لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.

يقول الله عزّ وجل مخاطبًا نبيه - صلى الله عليه وسلم - ومبينًا نعمته عليه وعلى أمته يقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} أي فبسبب رحمة الله لك ولأمتك {لِنْتَ لَهُمْ} أي كنت لينًا لهم، لينًا في مقالك، لينًا في جلوسك، لينًا في مقابلتك، في كل أحوالك، فالرسول عليه الصلاة والسلام من أسهل الناس خُلقًا وأكرمهم نُزُلًا، وقد قال الله عنه وكفى به قولًا: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤].

وقوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} أسند الرحمة إلى الله عزّ وجل لأنه المتفضل بها، ولأن إسنادها إليه يفيد عظمتها وأنها رحمة عظيمة.

وقوله: {لِنْتَ لَهُمْ} الضمير يعود على الصحابة رضي الله عنهم وعلى من بعدهم أيضًا؛ لأن التشريع الذي يقع في

<<  <  ج: ص:  >  >>