للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - أنه ينبغي للإنسان أن يعفو عن حقِّه في معاملة إخوانه؛ لقوله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ} ولكن هذه الآية مقيدة بما إذا كان العفو إصلاحًا، قيَّدها قوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠]، أما إذا كان في العفو زيادة إفساد وطغيان فإن هذه مصلحة تضمنت مفسدة أعظم، مثل: لو كان الجاني معروفًا بالشر والفساد فهل الأولى أن نعفو عنه أو أن نؤاخذه بالذنب؟ الأولى أن نؤاخذه بالذنب، ولهذا ينبغي في حوادث السيارات ألا يتعجل الإنسان بالعفو عمن تسبب فِي الحادث، بل ينظر إذا كان من الرجال المتهورين الذين إذا عفونا عنه اليوم أحدث حادثًا غدًا، فهنا الأولى أن لا نعفو، أما إذا علمنا أن الرجل شديد الحرص على سلامة الأنفس والأموال، ولكن هذا أمر لم يستطع التحرز منه ونعلم أنه سوف يتحرز غاية التحرز في المستقبل، فإن الأولى في هذا العفو، إذن فالعفو مقيد بالإصلاح {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ}.

وهل العفو واجب؟ الجواب: أنه ليس بواجب؛ لأن الله يقول: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: ٤١] فمن انتصر لنفسه بعد أن ظلم فليس عليه سبيل، لكن الأفضل أن يعفو إذا كان في العفو إصلاح.

٨ - أن التفريط في حقِّ النبي عليه الصلاة والسلام قد يكون ذنبًا؛ لأن الله لما أمر نبيه بالعفو عن حقِّه الخاص قال: {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} وهو كذلك، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام ليس كغيره؛ لأن له حق الإسلام وحق الرسالة، ولأنه أعظم الناس حقوقًا علينا، فالاعتداء في حقه أشد من غيره بل يكسب الإثم، ولهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>