للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ}، أما غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا عفا عن حقِّه الخاص انتهى، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لما كان الأمر الذي يتعلق به متعلقًا بحق الله عزّ وجل قال: {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} ولهذا إذا سبَّ أحد شخصًا من الناس لم يكفر ولو سبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كفر لعظم حقه.

٩ - الأمر بالشورى؛ لقوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} وهذا الأمر قد يكون للوجوب وقد يكون للاستحباب حسب الأمر المشاور فيه، وحسب الإشكال الواقع فيه، فالأمور الكبيرة مع الإشكال الكبير تكون المشاورة فيها واجبة، والأمور الصغيرة مع الإشكال اليسير تكون المشورة فيها مستحبة، فإذن الأمر هنا شاورهم مشترك بين الوجوب والاستحباب حسب ما تقتضيه الحال، وهنا مسألتان:

الأولى: هل معنى هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يكوِّن مجلسًا للشورى يرجع إليه؟

الجواب: لا، بل شاورهم عند وجود سبب الاستشارة لا أن يُكوَّن مجلس يُرجع إليه، لأنه إذا كُوِّن مجلس يُرجع إليه ربما يبقى هذا المجلس دائمًا مع تغيُّر أحوال أهله، ومع وجود أناسٍ جُددٍ خيرٍ منهم، فإذا قلنا: إن ولي الأمر إذا نزلت به نازلة حينئذٍ يستشير من يرى أنه مؤهلٌ للشورى، يبقى وليُّ الأمر تتجدد له الرجال الذين يستشيرهم، ولا يبقى المجلس الاستشاري هذا، ولا يبقى رافعًا رأسه، وإليه يُرجع الأمر، ولا شك أن هذا هو طريق النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكنه قد يكون لولي الأمر أصحاب خاصُّون يستشيرهم، مثل أبي بكر وعمر، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرجع إلى رأيهما

<<  <  ج: ص:  >  >>