للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قلنا فيما سبق: الانفعالات النفسية لا يمكن تحديدها بغير ألفاظها أبدًا، فلو قال قائل: ما معنى البُغض؟ الجواب: الكراهة، وما معنى الكراهة؟ الجواب: البغض، فكل هذه لا يمكن تحديدها إلا بآثارها.

وأما إثبات المحبة لله أي: صفة المحبة، فإن أهل القِبلة الذين ينتسبون للإسلام اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: نفي حقيقتها عن الله وعن المخلوق، فيقولون: إن الله لا يُحِب ولا يُحَب. أعوذ بالله، عِلَّتُهم: أن المحبة إنما تكون بين شيئين من جنس واحد، ومعلوم الفرق بين الخالق والمخلوق.

القول الثاني: يقولون: إن الله يُحَب ولا يُحِب.

القول الثالث: أن الله يُحِب ويُحَب، قال الله عزّ وجل: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤]. وفي القرآن الكريم كثير من الأوصاف علَّق الله بها المحبة. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٤]، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢] وأمثلةٌ كثيرة.

نحن نرى أن المحبة صفة حقيقية ثابتة لله، وأن من آثارها الثواب والرضا وغير ذلك مما يترتب عليه، والذين يُنكرونها يقولون: المراد بمحبة الله الثواب، فيقولون مثلًا: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} يعني يُثيب المتوكلين، وهذا خطأ.

١٥ - فضيلة التوكل، ووجهه أن الله علَّق المحبة عليه، وهذا يدل على فضيلته وعلى الحث عليه، فإن قال قائل: هل التوكل خاص بالله؟ فنقول: أما توكُّل العبادة الذي يعتمد الإنسان فيه على ربه، ويفوِّض الأمر إليه فهذا خاص بالله، وأما توكُّل

<<  <  ج: ص:  >  >>