المستقنع"، ورأى فيه بركة، وانتفع به، إلا أنه لم يكمله وقال لا يكفي هذا، أريد أن أطالع "الإنصاف"، ثم قال: لا يكفي هذا، أريد أن أطالع "المُغني"، هذه طريقة غير مجدية، بل إذا بارك الله لك في شيء فالزمه حتى لا يضيع عليك الوقت.
وهنا مسألة أيضًا قد ترد وهي: أنه يريد أن يطالع مسألة في الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، فيُراجع الفهرس حتى يقع عليها، ثم يُلاحظ مسألة ثانية، فيذهب ينظر فيها فيضيع عليه الوقت، ولهذا كان من حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام، أن يبدأ بالشيء الذي يريده، لما دعاه عتبان بن مالك - رضي الله عنه -، ليُصلي في مكان في بيته يتخذه مصلى، خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - مع بعض أصحابه، فلما دخل البيت قال: يا رسول الله، قد صنعت لكم طعامًا. قال: "أين تحب أن أصلي من بيتك؟ " (١)، سأله قبل الطعام، لماذا؟ . لأنه جاء لهذا الغرض. فابدأ بالغرض الذي أتيت إليه، فهذه المسألة ينبغي للإنسان أن يجعلها على باله في تصرفاته في العلم وفي الدنيا أيضًا. وهذه نأخذها من قوله:{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}.
١٤ - إثبات المحبة لله عزّ وجل، أن الله يحب، وهل محبة الله حقيقية؟ نعم، حقيقية؛ لأن لدى أهل السنة والجماعة قاعدة أن كل ما وصف الله به نفسه فهو حقيقة، لكن مذهبهم مُبرَّأ من التمثيل والتكييف، والتحريف والتعطيل، فلا يُمثِّلون صفات الله بصفات خلقه، ولا يُكيِّفونها، فما هي المحبة؟ المحبة هي المحبة، لا يمكن أن تعرف المحبة بأوضح منها. من لفظها، لأننا
(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب صلاة النوافل جماعة، رقم (١١٨٦).