أيضًا الجملة هذه جملة شرطية، فعل الشرط فيها فعل مضارع مجزوم، وجواب الشرط فيها جملة استفهامية مرتبطة بالفاء وجوبًا؛ لأن الجملة اسمية.
وقوله:{فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}، فيها (من) و (ذا) و (الذي)، فهل (ذا) التي بعد (من) اسم موصول أو مُلغاة؟ الجواب: أنها مُلغاة؛ لأن ما بعدها اسم موصول، و (ذا) التي بعد (مَنْ) تكون اسمًا موصولًا بشرط ألا يأتي بعدها اسم موصول، فإن أتى بعدها اسم موصول تعيَّن أن تكون ملغاة.
وقال بعض النحويين: لا يتعيَّن أن تكون ملغاة، ويكون الاسم الموصول الثاني توكيدًا للاسم الموصول الأول، كأنه يُقال: من الذي ينصركم من بعده، هذا ما يتعلَّق بالآية من حيث الإعراب.
أما قوله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}:
فقد سبق الكلام على مثلها.
يقول الله عزّ وجل في هذه الآية:{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} يعني إذا قدَّر الله نصركم فإنه لن يغلبكم أحد، وإنما قلت:(إن يُقدِّر الله نصركم) لأنه لو كان المراد النصر بالفعل لم يكن لقوله: {فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} فائدة؛ لأن النصر قد حصل. وعلى هذا يكون المعنى:{إِنْ يَنْصُرْكُمُ} أي إن يُقدِّر نصركم، وهذا نظير قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "واعلم أن ما أصابك لم يكن ليُخطِئك"(١). قال بعض العلماء: أن ما أصابك أي: ما قُدِّر أن يُصيبك، لأن ما أصابك بالفعل قد حصل، فلا يستقيم قوله:"لم يكن ليُخطئك".