للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجنة في الأصل: البستان الكثير الأشجار، ولكن المراد بالجنات التي وعد الله بها المتقين: هي دار النعيم المقيم التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وقوله: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} ليس من تحت أرضها، بل من فوق أرضها، لكن من تحت أشجارها وقصورها، أنهار مطردة، وأنهار مختلفة الأنواع، أربعة أنواع: أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى.

هذا الماء لم يخرج من الآبار، ولم يذب من الجليد، وهذا العسل لم يخرج من نحل، وهذا اللبن لم يخرج من بهيمة، ولكن الذي خلق هذا في الدنيا من هذه الأشياء المعلومة قادر على أن يخلقه عزّ وَجَلَّ في الآخرة ابتداء.

فهذه الأنواع الأربعة تجري من تحت هذه القصور، والأشجار اليانعة التي تبهج الناظرين وتسر القلب لا يتصور الإنسان ما فيها من النعيم.

وقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا}:

هذا أيضًا من كمال النعيم (الخلد)، لا يذوقون فيها الموت، بل يقال لهم: "خلود ولا موت" (١)، فيسرون، بل يقال لهم: "إن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبدًا، وأن تصحوا فلا تسقموا


(١) أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ}، رقم (٤٧٣٠). ومسلم، كتاب الجنَّةَ وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، رقم (٢٨٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>