للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغلول النبي يحتمل معنيين، غلول المال، وغلول العلم، فغلول العلم: كتمه، وغلول المال: إخفاؤه وأخذه، وكل هذا منتفٍ عن النبي شرعًا، ولم نعلم أنه واقع قَدَرًا، ولا يمكن أن يقع قدَرًا فيما نعلم، فالنبي لا يمكن أن يكتم ما أنزل الله إليه، ولا يمكن أن يسرق من مال المسلمين.

أما على (أن يُغَل) فمعناه أن النبي يغُلُّه غيره، يعني ما كان لنبيٍّ أن يُغَل شرعًا، أما قدرًا فقد يُغَل كما وقع هذا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام.

ثم قال: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}:

الإعراب: قوله: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} في {يَأْتِ بِمَا غَلَّ} إشكال، وهو أن {يَأْتِ}، مجزوم لجواب الشرط، فلماذا صارت مكسورة، وجواب الشرط يكون مجزومًا؟

الجواب: أن الكسرة بقيت قبل الياء دليل على أن المحذوف ياء، إذن يأتي مجزوم على هذا الحال، جواب الشرط مجزوم بحذف الياء، والكسرة قبلها دليلٌ عليها.

و{يَوْمَ} مفعول فيه، أو منصوب على الظرفية، كلها واحد، متعلِّق بـ {يَأْتِ}.

قال الله عزّ وجل: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} إذا جاء (ما كان) في القرآن فإن معناها نفي محقَّق مثل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: ٣٣] ومثل قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} [آل عمران: ١٧٩] وقوله {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]. والشواهد في هذا كثيرة. يعني أن هذا مُنْتفٍ قطعًا، ولا يمكن أن يكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>