للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} على هذه القراءة يقول الله: إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يمكن أن يَغُلُّوا؛ لأن (نبي) نكرة و (ما) نافية، والنكرة في سياق النفي تُفيد العموم. فالله تعالى ينفي أن يَغُلَّ النبي شرعًا، وقَدَرًا أيضًا؛ لأننا لا نعلم أن الله قدَّر على نبيٍّ الغلول.

أما على قراءة (أن يُغَل)، فإن الله تعالى ينفي شرعًا أن يُغَلَّ النبيُّ، يعني ما كان شرعًا أن يُغلَّ النبي، يعني أن النبي إذا كسب المال فإن ماله للمسلمين جميعًا، وإذا كان للمسلمين جميعًا فإنه لا يجوز لأحدٍ أن يَغُلَّ منه شيئًا؛ لأنه لو غَلَّ منه شيئًا لكان هذا متعلِّقًا بجميع المسلمين، فإذا أخذت منه شيئًا فقد خُنت جميع المسلمين لاسيما المشتركون في هذه الغنيمة.

ثم يقول الله عزّ وجل: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}:

{وَمَنْ يَغْلُلْ} هنا عموم، ولم يقل: من يغلُل من الأنبياء، لو فُرِض أن يَغُل. قال: {وَمَنْ يَغْلُلْ} يعني من أتباع الأنبياء.

{يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: يأت به يوم القيامة حاملًا له أمام الناس، في هذا الموقف العظيم الذي تشهده الخلائق كلُّها، كما قال تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: ٢، ٣].

وقوله: {يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}:

هل يأتي بنفس الذي غلَّ أم يأتي بالعقاب المرتَّب عليه؟

نقول: إن ظاهر الآية يدل على أنه يأتي بنفس الذي غلَّ، إن كانت شاة أو بعيرًا أو أي شيء يغُلُّه يأتي به يوم القيامة، وكذا لو غلَّ ثيابًا أتى بها يوم القيامة، لكن هل يأتي بها مكتسيًا بها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>