إياهم، فإن كان ذلك بقدر ذنوبهم كان ذلك كفافا لا لك ولا عليهم، وإن كان أكثر من ذنوبهم اقتصّ لهم منك. فبكى الرجل، فقال صلّى الله عليه وسلم: أما تقرأ (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ)
(الأنبياء: ٤٧) فقال الرجل: والله يا رسول الله ما لي في صحبة هؤلاء من خير، أشهدك أنهم أحرار كلهم.
٥٣٥- قيل أوحى الله إلى نبيّ من بني إسرائيل أن مر ملوك بني إسرائيل أن ينزلوا الجدب وينزلوا الرعيّة الخصب، ويشربوا الرّنق ويسقوا الرعيّة الصّفو، وإلّا حاسبتهم بالذرّة والشعرة.
«٥٣٦» - سأل الاسكندر حكماء أهل بابل: أيّما أبلغ عندكم الشجاعة أم العدل؟ قالوا: إذا استعملنا العدل استغنينا عن الشجاعة.
«٥٣٧» - ويقال: عدل السلطان أنفع من خصب الزمان.
«٥٣٨» - وتزعم الفرس أنّ فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور كان عادلا إلّا أنّه كان مشؤوما على رعيّته، فقحط الناس في زمانه سنين، وغارت الأنهار والعيون والقنيّ، وقحلت الأشجار والغياض، وتماوتت الوحوش والطيور، وصارت الدوابّ والأنعام لا تطيق حمولة، فأحسن إلى الناس، وكفّ عن الجباية، وقسم ما في بيت الأموال، وأمر بإخراج ما في الهري والمطامير من الطعام، وترك الاستئثار به، وتساوى فيه غنيّهم وفقيرهم، وأخبرهم أنه متى بلغه أنّ إنسيّا مات جوعا عاقب أهل تلك المدينة أو القرية ونكّل بهم أشدّ النكال.
فيقال إنه لم يهلك في تلك المجاعة واللّزبة إلّا رجل واحد من رستاق كورة أردشير. فقام عدله في الرعيّة مقام الخصب.