للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كلّ شيء قدير.

[الصابي يعزي عن ثور]

«٧٢٢» - كتب أبو إسحاق الصابي إلى القاضي أبي بكر ابن قريعة عن الوزير أبي طاهر ابن بقية يعزّيه عن ثور له مات:

التعزية عن المفقود- أطال الله بقاء القاضي- إنما تكون بحسب محلّه من فاقده، من غير أن تراعى قيمته [ولا قدره] ولا ذاته ولا عينه، إذ كان الغرض تبريد الغلّة، وإطفاء [١] اللوعة، وتسكين الزفرة، وتنفيس الكربة. فربّ ولد عاقّ، وشقيق مشاقّ، وذي رحم عاد لها قاطعا، وقريب قوم قلّدهم عارا، وناط بهم شنارا، فلا لوم على التارك [٢] للتعزية عنه، وأحر بها أن تستحيل تهنئة بالراحة منه. وربّ مال صامت أو ناطق كان صاحبه به مستظهرا وله مستثمرا، فالفجيعة به إذا فقد موضوعة موضعها، والتعزية عنه واقعة موقعها. وبلغني أنه كان للقاضي- أيّده الله- ثور أصيب به فجلس للعزاء عنه، وأنه أجهش عليه باكيا، والتدم عليه والها، وحكيت عنه حكايات في التأبين له، وإقامة الندبة عليه، وتعديد ما كان فيه من فضائل البقر التي تفرّقت في غيره واجتمعت فيه، فصار بها منفردا عنهم كالذي قيل فيه من الناس: [من السريع]

وليس لله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد

وأنه كان يكرب الأرض مغمورة، ويربّها [٣] مزروعة، ويدور [٤] في الدولاب ساقيا، وفي الرحى طاحنا، ويحمل الغلّات مستقلّا، والأثقال مستخفّا، فلا


[١] زهر: وإخماد.
[٢] زهر: على ترك.
[٣] زهر: ويثيرها.
[٤] زهر: ويرقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>