٢٩٦- قال محمد بن سيرين: ثلاثة ليس معها غربة: حسن الآداب، وكفّ الأذى، ومجانبة الريب.
٢٩٧- وقال بزرجمهر: يستحب من الخريف الخصب، ومن الربيع الزهر، ومن الجارية الملاحة، ومن الغلام الكيس، ومن الغريب الانقباض.
«٢٩٨» - قيل: السفر ميزان الأخلاق. ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للرجل الذي وصف عنده آخر: أعاملته أو سافرت معه؟
٢٩٩- قيل لرجل أراد السفر: تموت في الغربة، قال: ليس بين الموت في الوطن والموت في الغربة فرق، لأن الطريق إلى الآخرة واحد.
«٣٠٠» - قال عروة بن الورد العبسي:[من الوافر]
ذريني للغنى أسعى فإني ... رأيت الناس شرّهم الفقير
وهي أبيات قد كتبت في باب الغنى والفقر لأنها به أليق. وكان عروة بن الورد كثير الاغتراب والارتكاض، ضاربا في الأرض حرصا على الغنى. وكان شجاعا فاتكا كريما جوادا، يجمع الصعاليك ويغير بهم على العرب. وله أخبار ترد في موضعها من هذا الكتاب. وكان يسمى عروة الصعاليك لفعله هذا ولا يزداد بتردد أسفاره وتوالي غاراته إلا فقرا، ولا يزداد الغنى منه إلا بعدا.
وكان عبد الله بن جعفر ينهى معلم ولده أن يروّيهم أبيات عروة هذه، ويقول:
هي تدعوهم إلى الاغتراب عن أوطانهم.
وكان عروة مغرى بالأسفار كثير الحضّ عليها، وله في ذلك شعر كثير، فمن ذلك قوله:[من الطويل]
دعيني أطوّف في البلاد لعلني ... أفيد غنى فيه لذي الحقّ محمل