للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عروة، ولا أحكم عقدة، ولا أعلى حجة، ولا أوضح محجة، ولا أعدل في النّصفة؛ لا يجري لأحد إلّا جرى عليه، ولا يجري على أحد إلّا جرى له، يستوي الملك والسوقة في واجبه [١] ، ويعتدل البغيض والحبيب [٢] في تحقيقه [٣] ، طالبه حاكم على خصمه، وصاحبه أمير على أمره [٤] ، من دعا إليه ظهر برهانه، ومن جاهد عليه كثر أعوانه، يمكّن رعاته من آلة القهر، ويجعل في أيديهم راية النصر، ويحكم لهم بغلبة العاجلة، وسعادة الآجلة. ولم أر كالباطل أضعف سببا، ولا أوعر مذهبا، ولا أجهل طالبا [٥] ولا أذلّ صاحبا؛ من اعتصم به أسلمه، ومن لجأ إليه خذله، يرتق فينفتق، ويرقع فينخرق؛ إن حاول صاحبه بيعه بارت سلعته، وإن رام ستره زادت ظلمته. لا يقارنه البرهان، ولا يفارقه الخذلان، قد قذف بالحقّ يدمغه ويقمعه فيمحقه، صاحبه في الدنيا مكذّب، وفي الآخرة معذّب، إن نطق دلّ على عيبه، وإن سكت تردّد في ريبه.

[أشعار منصفة]

«٥٨٩» - ومن أشعار العرب المنصفة قول حكمة بن قيس الكنانيّ:

[من الطويل]

نهيت أبا عمرو عن الحرب لو يرى ... برأي رشيد أو يؤول إلى حزم

دعاني يشبّ الحرب بيني وبينه ... فقلت له لا بل هلمّ إلى السلم

فلما أبي أرسلت فضلة ثوبه ... إليه فلم يرجع بحزم ولا عزم

وأمهلته حتى رماني بحرّها ... تغلغل من غيّ غويّ ومن إثم


[١] البصائر: واحته (وفي بعض أصوله: واجبه) ح: نواحيه.
[٢] ح: والخبيث.
[٣] البصائر: محضه.
[٤] البصائر: أميره.
[٥] ح: أجمل طلبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>