فقال: صدق النية في التوبة. قال: ومن سنّ لك الغيّ وأورطك فيه؟ قال: الذي أغوى آدم فنسي ولم يجد له عزما.
[أبو نخيلة]
«٣٧٧» - كان أبو نخيلة منقطعا إلى مسلمة بن عبد الملك، فلما جاءت دولة بني هاشم خافهم وبعد حتى علم أنّ السفاح قد عفا عمّن هو أعظم جرما منه وأكبر محلّا، فلما وقف بين يديه سلّم عليه ودعا وأثنى، ثم استأذن في الإنشاد، فقال له: ومن أنت؟ قال: عبدك يا أمير المؤمنين أبو نخيلة الحمّاني، فقال له: لا حيّاك الله ولا قرّب دارك يا نضو السوء، ألست القائل في مسلمة بن عبد الملك بالأمس:[من الطويل]
أمسلم إني يا ابن كلّ خليفة ... ويا جبل الدنيا ويا ملك الأرض
أما والله لولا أني قد أمّنت نظراءك لما ارتدّ إليك طرفك حتى أخضبك بدمك.
فقال:[من الرجز]
كنّا أناسا نرهب الأملاكا ... إذ ركبوا الأعناق والأوراكا
ثم ارتجينا زمنا أباكا ... ثم ارتجينا بعده أخاكا
ثم ارتجيناك لها إياكا ... وكان ما قلت لمن سواكا
زورا فقد كفّر هذا ذاكا
فتبسم أبو العباس وقال له: أنت شاعر وطالب خير، وما زال الناس يمدحون الملوك في دولتهم، والتوبة تكفّر الخطيئة، والظفر يزيل الحقد، وقد عفونا عنك، واستأنفنا الصنيعة لك. وأنت الآن شاعرنا فتسمّ بذلك لتزول عنك سمة بني مروان، فقد كفّر هذا ذلك، كما قلت.