«١٣٥٣» كان المسيّب بن علس الضبعي شاعر ربيعة في زمانه، وإنه وقف على مجلس لبني ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فاستنشدوه فأنشدهم شعرا له:[من الطويل]
وقد أتناسى الهمّ عند احتضاره ... بناج عليه الصّيعريّة مكدم
الصّيعرية: سمة كان أهل اليمن يسمون بها النّوق دون الفحول.
كميت كناز اللحم دون علالة ... إذا انتعلت أخفافهنّ من الدّم
وطرفة يسمع نشيده مع القوم، وهو يومئذ غلام حين قال الشّعر، فقال طرفة: نعتّ جملا أول مرة، ثم إذا هي ناقة، استنوق الجمل! فذهبت مثلا. فضحك القوم من قول طرفة، فقال المسيّب: ما هذا الغلام ويحكم؟ قالوا: غلام منّا وقد قال بعض الشّعر، قال: مروه فلينشدني، فأنشده، فقال: يا غلام أخرج لسانك فأخرجه، فإذا فيه خطّ أسود، فقال المسيّب: ويل لهذا من هذا- يريد طرفة من لسانه.
ثم إنّ طرفة شهر وذكر شعره حتى وفد به إلى الملوك، وقد كان عبد عمرو ابن بشر بن عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ربيعة من أجمل أهل زمانه وأعظمهم، وكان رجلا بضّا بادنا جميلا، وكانت أخت طرفة عنده، فشكت إلى طرفة شيئا من زوجها كرهته، فقال طرفة:[من الطويل]
أيا عجبا من عبد عمرو وبغيه ... لقد رام ظلمي عبد عمرو فأنعما
ولا خير فيه غير أنّ له غنى ... وأنّ له كشحا إذا قام أهضما
فروي هذا الشّعر ورفع إلى عمرو بن هند الملك، وهند أمّه بنت الحارث الملك ابن عمرو المقصور. وإنّما سمّي المقصور لأنه اقتصر على ملك أبيه فلم يتجاوزه عمرو