تغوّر ما سواه من القلب، ثم تبتني عليه حوضا فتملأه، ثم تقابل القوم فتشرب ولا يشربون. فقال صلّى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي. وفعل ما أشار به مع عناية الوحي المؤيّد له عن مشورة الرأي.
فإن هلكت برأي أو ظفرت به ... فأنت عند ذوي الألباب معذور
وإن ظهرت على جهل وفزت به ... قالوا جهول أعانته المقادير
أنكد بدنيا ينال المخطئون بها ... حظّ المصيبين والمقدور مقدور
[عود إلى أخبار وحكم]
٩٣١- استشار المنصور خاصّة أهله وأصحابه في تولية المهديّ السواد وكور دجلة، فاستصوب كلّهم رأيه إلّا أبا العباس الطوسيّ فإنه استخلاه ثم قال له: أرأيت إن سلك المهديّ غير سيرتك، واستعمل التسهيل، كنت ترضى بذلك؟ قال: لا والله، قال فأنت تريد أن تحبّبه إلى الرعية، وتقليدك إياه يبغّضه إليهم، لا سيما ما قرب منك، ولكن تولّي هذه الولاية عيسى بن موسى، وتجعل المهديّ الناظر في ظلامات الناس منه، وتأمره بأخذه بإنصافهم، فضحك منه حتى فحص برجليه.
٩٣٢- وروي أنّ الحجاج استعمل عاملا على الفلّوجتين، فلما وردها قال: هل ها هنا دهقان يعاش برأيه؟ فقيل له: جميل بن بصبهرى، فأحضره وشاوره، فقال له جميل: أخبرني أقدمت لرضى ربك، أم لرضى نفسك، أم لرضى من يقلدك [١] ؟ قال: ما استشرتك إلّا لرضى الجميع. قال: فاحفظ عني