لم يجعل الله قلبي حين ينزل بي ... همّ يضيقني ضيقا ولا حرجا
ما أنزل الله بي أمرا فأكرهه ... إلا سيجعل لي من بعده فرجا
«٨١» - وقال آخر:[من الطويل]
وما عسرة فاصبر لها إن لقيتها ... بكائنة إلا سيتبعها يسر
فلا تقتلنّ النفس همّا وحسرة ... فحشو الليالي إن تأمّلتها غدر
[أخبار ابن مفرغ الحميري]
«٨٢» - هجا يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري بني زياد في قصة كانت بينهم طويلة، وهرب منهم إلى معاوية بعد أن كان عبّاد بن زياد قد حبسه بخراسان.
فردّه معاوية إلى عبيد الله بن زياد، وقال: اشف نفسك منه بما يشدّ سلطانك ولا تتجاوز إلى نفسه، واعلم أنها عزمة مني. فسقاه عبيد الله نبيذا حلوا قد خلط بالشبرم حتى سلح، وقرن به هرّا وخنزيرا وطاف به في السواق، وجعل يسلح والصبيان يصيحون وراءه؛ ثم أنفذه إلى أخيه عبّاد بخراسان. وكان ابن مفرغ، حيث هجاهم وتنقل من خوفه منهم، يكتب هجاءهم على أبواب القرى التي ينزلها؛ فأمر الموكلين الذين معه أن يلزموه بحك تلك الكتابة بأظفاره، فكان يفعل ذلك حتى ذهبت أظفاره، فكان يمحو بعظام أصابعه ودمه يسيل؛ ومنعه أن يصلّي إلى الكعبة وألزمه الصلاة إلى قبلة النصارى للمشرق، وسلّمه الموكلون إلى عباد فحبسه وضيق عليه. فذلك قول ابن مفرغ:[من الطويل]
قرنت بخنزير وهرّ وكلبة ... زمانا وشان الجلد ضرب مشرّب
وجرّعتها صهباء في غير لذّة ... تصعّد في الجثمان ثم تصوّب