فكتب إليه طاهر: عبد الله يا أمير المؤمنين، ابني إن مدحته ذممته، وإن ذممته ظلمته، ولنعم الخلف هو لأمير المؤمنين من عبده.
فكتب إليه المأمون: ما رضيت أن قرّظته في حياتك، حتى وصّيتنا به بعد وفاتك.
[المفاضلة بين جرير والفرزدق والأخطل]
٧٧- وصف أعرابيّ رجلا فقال: يشرق بعزم لا يدجو معه خطب، ويومض بصواب لا يلبس عنده صعب، حتى يغادر المستعجم معجما، والمشكل مشكولا.
«٧٨» - قال هشام بن عبد الملك لشبة بن عقال، وعنده جرير والفرزدق والأخطل، وهو يومئذ أمير: ألا تخبرني عن هؤلاء الذين مزّقوا أعراضهم، وهتكوا أستارهم، وأغاروا بين عشائرهم في غير خير ولا برّ ولا نفع، أيّهم أشعر؟ قال شبّة: أما جرير فيغرف من بحر، وأما الفرزدق فينحت من صخر، وأما الأخطل فيجيد المدح وصفة الخمر. فقال هشام: ما فسرت لنا شيئا نحصله، فقال: ما عندي غير ما قلت. فقال لخالد بن صفوان: صفهم لنا يا ابن الأهتم، قال: أما أعظمهم فخرا، وأبعدهم ذكرا، وأحسنهم عذرا، وأشردهم مثلا، وأقلّهم غزلا، وأحلاهم عللا، الطامي إذا زخر، والحامي إذا زأر، والسامي إذا خطر، الذي إذا هدر قال، وإذا خطر صال، الفصيح اللسان، الطويل العنان، فالفرزدق. وأما أحسنهم نعتا، وأمدحهم بيتا، وأقلّهم فوتا، الذي إذا هجا وضع، وإذا مدح رفع، فالأخطل. وأما أغزرهم بحرا، وأرقّهم شعرا، وأهتكهم لعدوّه سترا، الأغرّ الأبلق، الذي إن طلب لم يسبق، وإن طلب لم يلحق، فجرير. وكلّهم ذكيّ الفؤاد، رفيع العماد، واري الزناد.
فقال مسلمة بن عبد الملك: ما سمعنا بمثلك يا خالد في الأوّلين والآخرين.