٣٦٧- عن جابر بن عبد الله وابن عباس قالا: لما نزلت: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
(النصر: ١) إلى آخر السورة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا جبريل، نفسي قد نعيت، قال جبريل: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى
(الضحى: ٤، ٥) . فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بلالا أن ينادي بالصلاة جامعة، فاجتمع المهاجرون والأنصار إلى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فصلى بالناس، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم خطب خطبة وجلت منها القلوب، وبكت منها العيون، ثم قال: أيها الناس، أيّ نبيّ كنت لكم؟ فقالوا: جزاك الله من نبيّ خيرا، فلقد كنت لنا كالأب الرحيم، وكالأخ الناصح المشفق؛ أدّيت رسالات الله، وأبلغتنا وحيه، ودعوت إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة، فجزاك الله عنا أفضل ما جازى نبيّا عن أمّته. فقال لهم: معاشر المسلمين، أنا أنشدكم الله وبحقّي عليكم، من كان منكم له قبلي مظلمة، فليقم فليقتصّ مني، فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثانية، فلم يقم إليه أحد، فناشدهم الثالثة: معاشر المسلمين، من كانت له قبلي مظلمة، فليقم فليقتصّ مني قبل القصاص يوم القيامة. فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له: عكاشة، فتخطّى المسلمين حتى وقف بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: فداك أبي وأمّي، لولا أنّك ناشدتنا مرّة بعد أخرى، ما كنت بالذي أتقدّم على شيء منك؛ كنت معك في غزاة، فلما فتح الله علينا، ونصر نبيّه صلّى الله عليه وسلم، [وأردت] الانصراف، حاذت ناقتي ناقتك، فنزلت عن الناقة، ودنوت منك لأقبّل فخذك، فرفعت القضيب فضربت خاصرتي، فلا أدري أكان عمدا منك أم أردت ضرب الناقة؟
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا عكاشة، أعيذك بجلال الله أن يتعمّدك رسول الله بالضرب؛ يا بلال، انطلق إلى منزل فاطمة فأتني بالقضيب الممشوق، فخرج