الفصل الثالث سياسة الوزراء والكتّاب وأتباع السلطان في خدمة ولاتهم وآداب نفوسهم
[٨٥٤]- قالوا: من صحب الملوك «١» وقرب منهم، ينبغي أن يكون جامعا للخلال المحمودة، فأولها: العقل فإنه رأس الفضائل، والعلم فإنه من ثمار العقل ولا تليق صحبة الملوك «٢» بأهل الجهل؛ والودّ فإنه خلق من اخلاق النفس يولّده العدل في الإنسان لذوي ودّه، والنصيحة وهي تابعة للودّ وهو الذي يبعث عليها؛ والوفاء فإنه شيمة لا تتمّ الصحبة إلا بها، وحفظ السرّ وهو من صدق الوفاء، والعفة عن الشهوات والأموال، والصرامة وهي شدّة القلب، فإن الملوك لا يجوز أن يصحبهم أولو النكول ولا ينال الجسيم من الأمور إلّا الشجاع النّجد؛ والصدق فإنه من لا يصدق يكذّب، ومضرّة الكذب لا تتلافى؛ وحسن الزيّ والهيئة فإن ذلك يزيد في بهاء الملك، والبشر في اللقاء فإنه يتألّف به قلب من يلاقيه وفي الكلوح تنفير عن غير ريبة، والأمانة فيما يستحفظ، ورعاية الحق فيما يستودع، والعدل والانصاف فإن العدل يصلح السرائر ويجمّل الظواهر، وبه يخاصم الإنسان نفسه إذا دعته إلى أمر لا يحسن ركوبه. وينبغي له أن يجانب أضداد هذه الخلال، وألا يكون حسودا فإن
[٨٥٤] بعضه مأخوذ من الأدب الكبير: ٤٤ (٦٢) وهو قوله: «وينبغي لمن يصحب السلطان أن يأخذ لعمله ... الخ» .