«٨٣» - قالت قينة يوما لأبي العيناء: وأنت أيضا يا أعمى!؟ فقال لها: ما أستعين على وجهك بشيء أصلح من العمى.
«٨٤» - وقال له مغنّ يوما: هل تذكر سالف معاشرتنا؟ فقال: إذ تغنّينا ونحن نستعفيك؟
«٨٥» - قال بعض أهل الحجاز: التقى قنديل الجصاص وأبو الجديد بشعب الصفراء، فقال قنديل، لأبي الجديد: من أين؟ وإلى أين؟ قال: مررت برقطاء الحبطيّة رائحة تترنّم برمل ابن سريج في شعر ابن عمارة السّلميّ: [من الطويل]
سقى مأزمي نجد إلى بئر خالد ... فوادي نصاع فالقرون إلى عمد
فزففت خلفها زفيف النعامة، فما انجلت غشاوتي إلا وأنا بالمشاش حسير، فأودعتها خافقي وخلّفته لديها، وأقبلت أهوي كالرّخمة بغير قلب. فقال له قنديل: ما دفع أحد من المزدلفة أسعد منك؛ سمعت شعر ابن عمارة، في غناء ابن سريج، من رقطاء الحبطيّة، لقد أوتيت جزءا من النبوّة! وكانت رقطاء هذه من أضرب الناس. فدخل رجل من أهل المدينة منزلها، فغنّته صوتا، فقال له بعض من حضر: هل رأيت وترا أطرب من وتر هذه؟! فطرب المدينيّ وقال عليه العهد إن لم يكن [وترها] من معى بشكست النحويّ، فكيف لا يكون فصيحا؟ وكان بشكست هذا نحويّا بالمدينة، وقيل من الشّراة الخارجين مع أبي حمزة الخارجيّ.