وإني لمستأن ومنتظر بكم ... وإن لم تقولوا في الملمّات دع دع
أؤمّل منكم أن تروا غير رأيكم ... وشيكا وكيما تنزعوا خير منزع
[الحسين الخليع والمأمون]
«٣٢٢» - كان الحسين بن الضحاك المعروف بالخليع مدّاحا للأمين، ولما قتل أفرط في الجزع عليه وهجا المأمون وترك بغداد مخافة، واجتهد في استعطافه، وسأل ابن البواب الحاجب حتى أنشده شعره الذي يقول فيه:[من الطويل]
رأى الله عبد الله خير عباده ... فملّكه والله أعلم بالعبد
وما زال يلطف له حتى أوصله إلى المأمون، فلما سلّم عليه ردّ ردّا جافيا وقرّعه بأشعاره فيه وفي أخيه فقال: يا أمير المؤمنين، لوعة غلبتني، وروعة فاجأتني، ونعمة سلبتها بعد أن غمرتني، وإحسان شكرته فأنطقني، وسيّد فقدته فأقلقني، فإن عاقبت فبحقّك، وإن عفوت فبفضلك، فدمعت عين المأمون وقال: قد عفوت عنك وأمرت بإدرار أرزاقك عليك، وإعطائك ما فات منها، وجعلت عقوبة ذنبك امتناعي من استخدامك.
«٣٢٣» - أمر بعض ملوك العجم بقتل رجل غضب عليه، فقال الرجل: أيها الملك إن قتلتني وأنا صادق عظم جرمك، وإن تركتني وأنا كاذب قلّ وزرك، وأنت من وراء ما تريد، والعجلة موكّل بها الزّلل، فعفا عنه.
٣٢٤- كتب أبو طالب الجراحي من آل علي بن عيسى: فإن رأى أن ينظر نظر راحم متعطّف، إلى خادم متلهّف، ويجعل العفو عن فرطته وكفرانه، صدقة عن بسطته وسلطانه، فأجدر الناس بالاغتفار أقدرهم على الانتصار، فعل، إن شاء الله تعالى.