للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنّ الشعر لم يصحّ له وزنه إلّا هكذا، فقال: كان ينبغي إذا لم يصحّ له الشعر إلّا هكذا أن يدعه إلى لعنة الله. فلم أزل أداريه وأرفق به حتى سكن. فلما قدم المأمون سألني عن هذا الحديث، فحدثته به فجعل يعجب منه ويضحك.

[أخبار عن المنصور]

«٧٦٤» - كان مطيع بن إياس الكنانيّ يخدم جعفر بن أبي جعفر المنصور وينادمه، فكره ذلك أبو جعفر لما شهر به مطيع في الناس، وخشي أن يفسده، فدعا بمطيع وقال له، قد عزمت على أن تفسد ابني عليّ وتعلّمه زندقتك؟! قال: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من أن تظنّ بي هذا فأهلك، والله ما يسمع مني إلّا ما إذا وعاه جمّله وزيّنه ونبّله. قال: ما أرى ذلك ولا يسمع منك إلّا ما يضرّه ويعرّه. فلما رأى مطيع لجاجه [١] في أمره قال له: أتؤمّنني من غضبك حتى أصدقك؟ قال: أنت آمن قال: وأيّ مستصلح فيه، أو أيّ نهاية لم يبلغها في الفساد والهلاك [٢] ؟! قال: ويلك بأيّ شيء؟ قال: يزعم أنه يتعشّق امرأة من الجنّ، وهو مجتهد في خطبتها، وقد جمع أصحاب العزائم عليها، وهم يغرونه ويعدونه بها ويمنّونه، فو الله ما فيه فضل لغير ذلك من جدّ ولا هزل، ولا كفر ولا إيمان. فقال له المنصور: ويلك أتدري ما تقول؟ قال: الحقّ والله أقول، فسل عن ذلك. فقال له: عد إلى صحبته واجتهد أن تزيله عن هذا الأمر، ولا تعلمه أني علمت بذلك حتى أجتهد في إزالته عنه.

«٧٦٥» - ودخل المنصور دار جعفر ابنه هذا، وخرج جعفر من دار حرمه، فقال لأبيه: ما حملك على أن دخلت عليّ بغير إذن؟ فقال له أبو جعفر: لعنك


[١] الأغاني: الحاحه.
[٢] الأغاني: والضلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>