للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأطرق الناس وتكلّم الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين إنّ هذا القائل آنفا ما قال لو علم أنّ رضاك في لعن المرسلين للعنهم، فاتّق الله تعالى ودع عليا فقد لقي الله وأفرد في حفرته، وخلا بعمله، وكان والله ما علمنا المبرّز بسبقه، الطاهر في خلقه، الميمون النقيبة، العظيم المصيبة. فقال معاوية: يا أحنف لقد أغضيت العين على [١] القذى، وقلت بغير ما ترى، وأيم الله لتصعدنّ المنبر فلتلعننّه طائعا أو كارها، قال الأحنف: إن تعفني هو خير، وإن تجبرني على ذلك فو الله لا تجري به شفتاي. قال: قم فاصعد، فقال: أما والله لأنصفنّك في القول والفعل. قال معاوية: وما أنت قائل إن أنصفتني؟ قال: أصعد فأحمد الله تعالى بما هو أهله، وأصلّي على نبيّه، ثم أقول: أيها الناس إنّ معاوية أمرني أن ألعن عليا، ألا وإنّ عليا ومعاوية اختلفا واقتتلا، وادّعى كلّ واحد منهما أنه مبغيّ عليه وعلى فئته، فإذا دعوت فأمّنوا يرحمكم الله، ثم أقول: اللهم العن أنت وملائكتك وأنبياؤك ورسلك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه، والعن الفئة الباغية على الفئة المبغيّ عليها، آمين ربّ العالمين. فقال معاوية: إذن نعفيك يا أبا بحر.

«٥٨٧» - وقيل: لما أجمع معاوية على البيعة ليزيد جمع الخطباء فتكلموا، والأحنف ساكت، فقال: يا أبا بحر ما منعك من الكلام؟ فقال: أنت أعلمنا بيزيد ليله ونهاره، وسرّه وعلانيته، فإن كنت تعلم أنها شرّ له فلا تولّه الدنيا وأنت تذهب إلى الآخرة، فإنما لك ما طاب، وعلينا أن نقول: سمعنا وأطعنا.

[رقعة من أحمد بن إسماعيل إلى ابن المعتز]

«٥٨٨» - كتب أحمد بن إسماعيل إلى ابن المعتز رقعة يقول فيها: ولم أر كالحقّ أصدق قائلا، ولا أفضل عاملا [٢] ، ولا أجمل ظاهرا، ولا أعزّ ناصرا، ولا أوثق


[١] ع: عن.
[٢] البصائر: عالما.

<<  <  ج: ص:  >  >>