«٨٦١» - كان بالمدينة عجوز شديدة العين لا تنظر إلى شيء تستحسنه إلا عانته، فدخلت على أشعب وهو مريض في الموت، وهو يقول لبنته: يا بنيّة إذا متّ فلا تندبيني والناس يسمعونك، وتقولين واأبتاه أندبك للصوم والصلاة، للفقه والقرآن، فيكذّبك الناس ويلعنوني. والتفت أشعب فرأى المرأة فغطّى وجهه بكمّه وقال لها: يا فلانة، بالله إن كنت استحسنت شيئا مما أنا فيه فصلّي على النبي عليه السلام ولا تهلكيني، فغضبت المرأة وقالت: سخنت عينك، وفي أيّ شيء أنت مما يستحسن؟ أنت في آخر رمق، قال: قد علمت، ولكن قلت لا تكونين قد استحسنت خفّة الموت عليّ وسهولة النزع، فيشتدّ ما أنا فيه.
فخرجت من عنده وهي تشتمه، وضحك من كان حوله من كلامه، ثم مات.
٨٦٢- كان لنا صديق يعرف بأبي نصر الكلوذاني ويلقّب بالرّفشعر- جمعا بين رفاء وشاعر- مرض بواسط فأشفى، وسمع أخوه وهو ببغداد خبره فانحدر ظنّا أنه يموت فيحوز ميراثه، فلما وصل إليه وجده قد أبلّ فقال: يا أخي ما جاء بك؟ قال: سمعت بمرضك فجئت أعودك وأمرّضك، فقال: عد يا أخي فإنّ الحاجة ما قضيت.
٨٦٣- مرض الأعمش فعاده رجل وأطال الجلوس، فقال: يا أبا محمد ما أشدّ شيء مرّ عليك في علتك هذه؟ قال: دخولك اليّ، وقعودك عندي.