«١» قد حوى كتاب الله سبحانه وتعالى من فنون السياسة وأقسامها ما يغني متدبّره ويكفي متأمله: كالقصاص الذي جعل الله لنا فيه الحياة، والحدود التي عصم بها الأنفس والأموال والأعراض من تسرّع الجناة، والزكاة العائدة بفضل الأغنياء على الفقراء، منّة منه ليجعلهم فيما أنزل عليهم من رزقه شركاء، وكالطاعة المفترضة على الرعيّة للرّعاة، والمعدلة الموجبة لهم على الولاة، وكحقوق النساء من القسمة والتعديل على الرجال، وما يلزمهنّ لهم من حفظ الفروج ولزوم الحجال «٢» ، وغير ذلك مما يخرج من هذا الكتاب ولا يليق إيراده به.
وهو بحر الحكمة التي جعلها شفاء للأسقام والأوصاب، وجلاء للأفهام والألباب، لا يدرك قراره، ولا تحصى آثاره. فمن الآيات التي فيها أدب يتّبع قوله عز وجل: يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ، وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ