«٦١» - لا بدّ للهاجي من سبب يدعوه إلى الهجاء ويحرّكه، ومن شأنه أن يعذر بمقدمة تنبه المهجوّ من غفلة اللوم، أو يصرّ فيقوم في هجائه العذر. وكثيرا ما يكون سبب الهجاء وسبيله وبداية الذمّ وطريقه كما قال أبو عثمان الخالدي:
[من الخفيف]
قل لمن يشتهي المديح ولكن ... دون معروفه مطال وليّ
سوف أهجوك بعد مدح وتحري ... ك وعتب وآخر الداء كيّ
وأحد هذه الفصول شكوى الزمان، إذ الزمان ظرف لا يقبل مدحا ولا ذما، وإنما شكواه ذمّ أهله. وكل ما ينسب إليه فهو اسم هم معناه، وجسد هم روحه، فكأنما هو هجاء لجملة الناس. وربما أريد به السلطان. وقد سمع زياد رجلا يسبّ الزمان فقال: لو كان يدري ما الزمان لأوجعته ضربا، إنّ الزمان هو السلطان.