للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس فيكم فتفرّق الأغصان وتعجف الشجرة وتكونوا مثلا بكلّ مكان. يا بنيّ، قد أتت عليّ مائتا سنة ما شتمت ولا شتمت، ولا قلت من لوم ماذا صنعت. خذوا بوصيّتي تسلموا، ولا تخالفوا فتندموا.

[وصية يزيد بن المهلّب لابنه]

«١٠١٢» - أوصى يزيد بن المهلّب ابنه مخلدا حين استخلفه على جرجان فقال: يا بني، إني قد استخلفتك فانظر هذا الحيّ من اليمن، فكن منهم كما قال الشاعر: [من الطويل]

إذا كنت مرتاد الرجال لنفعهم ... فرش واصطنع عند الذين بهم ترمي

وانظر هذا الحيّ من ربيعة فانهم شيعتك وأنصارك فاقض حقوقهم. وانظر هذا الحيّ من تميم فأمطر ولا ترهم، ولا تدنهم فيطمعوا، ولا تقصهم فينقطعوا عنك، ولكن بين المطيع والمدبر. وانظر هذا الحيّ من قريش فانهم أكفاء قومك في الجاهلية ومناصفوهم في الاسلام، ورضاهم منك البشر. يا بني، إن لأبيك صنائع فلا تفسدها فانه كفى بالمرء من النّقص أن يهدم ما بناه أبوه. وإياك والدماء فانه لا بقية بعدها. وإياك وشتم الأعراض فان الحرّ لا يرضيه من عرضه عوض. وإياك وضرب الأبشار فانه عار باق ووتر مطلوب. واستعمل على النجدة والفضل دون الهوى، ولا تعزل إلا عن العجز والخيانة؛ ولا يمنعك من اصطناع رجل أن يكون غيرك قد سبقك إليه، فانك إنما تصطنع الرجال لنفسك؛ ولتكن صنيعتك عند من تكافيك عنه العشائر. واحمل الناس على حسن أدبك يكفوك أنفسهم. وإذا كتبت كتابا فأكثر النظر، وليكن رسولك في ما بيني وبينك من يفقه عني وعنك، فان كاتب الرجل موضع عقله، ورسوله موضع رأيه. أستودعك الله فانه ينبغي للمودّع أن يسكت وللمشيّع أن ينصرف، وما خفّ من المنطق وقلّ من الخطبة أحبّ إلى أبيك.

<<  <  ج: ص:  >  >>