للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٥٤- وقيل: الحوادث الممضّة مكسبة لحظوظ جزيلة منها ثواب [١] مدّخر، وتطهير من ذنب، وتنبيه من غفلة، وتعريف لقدر النعمة، ومرون على مقارعة الدهر. ومن ولج في النائبة صابرا خرج منها مثقفا [٢] .

[أسماء وابنها عبد الله]

«٧٥٥» - ومن التأسي العجيب والاحتساب الجميل ما فعلته أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما في حرب ابنها عبد الله بن الزبير: دخل عليها في اليوم الذي قتل فيه فقال: يا أمّه، خذلني الناس حتى أهلي وولدي ولم يبق إلا اليسير ومن لا دفع عنده أكثر من صبر ساعة من النهار، وقد أعطاني القوم ما أردت من الدنيا فما رأيك؟ قالت: إن كنت على الحقّ وتدعو إليه فامض عليه فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكّن من رقبتك غلمان بني أميّة فيتلعبوا بك، وان قلت إني كنت على حقّ فلما وهن أصحابي ضعفت نيتي ليس هذا فعل الأحرار، ولا فعل من فيه خير. كم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن ما [٣] نقع به يا ابن الزبير. والله لضربة بالسيف في عزّ أحبّ إليّ من ضربة بسوط في ذلّ. قال لها: هذا والله رأيي الذي قمت به داعيا إلى الله، والله ما دعاني إلى الخروج إلّا الغضب لله تعالى، أن تهتك محارمه. ولكني أحببت أن أطّلع رأيك فزدتني [٤] قوّة وبصيرة مع قوتي وبصيرتي [٥] . والله ما تعمدت إتيان منكر، ولا عملا بفاحشة، ولم أجر في حكم، ولم أغدر في أمان، ولم يبلغني عن عمّالي ظلم فرضيت به، بل أنكرت ذلك، ولم يكن شيء عندي آثر من رضى ربي سبحانه وتعالى، اللهمّ إني لا أقول ذلك


[١] م: الثواب.
[٢] م: مشفقا.
[٣] م: مما.
[٤] م: فيزيدني.
[٥] م: مع بصيرتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>