الكرام، قال: فاحلفي لي ووثقي أنك لا تتزوجين حتى أقدم عليك، فحلفت ووثّقت له. فمدح عبد الرحمن بن أريق الأزدي، وخرج إليه فلقيته ظباء سوانح، ولقي غرابا يفحص الترب بوجهه؛ فتطير بذلك حتى قدم على حي من لهب، فقال: أيكم يزجر؟ قالوا: كلنا، فمن تريد؟ قال: أعلمكم بذلك، قالوا: ذلك الشيخ المنحني الصّلب. فأتاه فقص عليه القصة، فكره ذلك له، وقال له: قد ماتت أو تزوجت رجلا من بني عمّها، فأنشأ كثير يقول:[من الطويل]
تيمّمت لهبا أبتغي العلم عندهم ... وقد ردّ علم العاشقين إلى لهب
تيمّمت شيخا منهم ذا نجالة ... بصيرا بزجر الطير منحني الصّلب
فقلت له ماذا ترى في سوانح ... وصوت غراب يفصح الوجه بالتّرب
فقال جرى الطير السنيح ببيننا ... وقال الغراب جدّ منهمر السكب
فإلا تكن ماتت فقد حال دونها ... سواك خليل ناطق من بني كعب
قال: فمدح الرجل الأزدي، فأصاب منه خيرا، ثم قدم عليها فوجدها قد تزوجت رجلا من بني عمها، فأخذه الهلاس، فكشح جنباه بالنار. فلما اندمل من علّته ووضع يده على ظهره إذا هو برقمتين. فقال: ما هذا؟ فقالوا: إنه أخذك الهلاس، وزعم الأطباء أنه لا علاج لك إلا الكشح بالنار، فكشحت بالنار، فأنشأ يقول:[من الطويل]
عفا الله عن أمّ الحويرث ذنبها ... علام تعنّيني وتعمي دوائيا
فلو يأذنوني قبل أن يرقموهما ... لقلت لهم أمّ الحويرث دائيا
[من الفراسة]
«٢١» - ومن الفراسة قول عمرو بن مرّة العبدي:[من الوافر]
إذا ما الظنّ أكذب في أناس ... رميت بصدقه ستر الغيوب