للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وصية أكثم بن صيفي]

«١٠٠٧» - قال أكثم بن صيفي: يا بني تميم، لا يفوتنّكم وعظي ان فاتكم الدهر بنفسي. إن بين حيزومي [وصدري] لبحرا من الكلم لا أجد له مواقع غير أسماعكم، ولا مقارّ إلا قلوبكم، فتلقّوها بأسماع صاغية، وقلوب واعية، تحمدوا عواقبها: إن الهوى يقظان، والعقل راقد، والشهوات مطلقة، والحزم معقول، والنفس مهملة، والروّية مقيّدة، ومن جهة التواني وترك الروّية يتلف الحزم، ولن يعدم المشاور مرشدا، والمستبدّ برأيه موقوف على مداحض الزّلل.

ومن سمّع سمّع به. ومصارع الألباب تحت ظلال الطمع، ولو اعتبرت مواقع المحن ما وجدت إلا في مقاتل الكرام. وعلى الاعتبار طريق الرشاد. ومن سلك الجدد أمن العثار. ولن يعدم الحسود أن يتعب قلبه ويشغل فكره ويؤرّث غيظه، ولا يجاوز نفسه ضرّه. يا بني تميم: الصبر على جرع الحلم أعذب من جني ثمر الندم. ومن جعل عرضه دون ماله استهدف للذمّ. وكلم اللسان أنكى من كلم الحسام. والكلمة مزمومة ما لم تنجم من الفم، فاذا نجمت فهي سبع محرّب، ونار تتلهّب. ورأي الناصح اللبيب دليل لا يجور. ونفاذ الرأي في الحرب أنفذ من الطعن والضرب.

[وصية أعرابية لابنتها]

«١٠٠٨» - وأوصت أعرابية ابنتها وقد زوّجتها فقالت: لو تركت الوصيّة لحسن أدب أو لكرم نسب لتركتها لك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل. يا بنية، إنّك قد خلّفت العشّ الذي فيه درجت، والموضع الذي منه خرجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه. كوني لزوجك أمة يكن لك عبدا. واحفظي عنّي خصالا عشرا، تكن لك دركا وذكرا: أما الأولى والثانية فحسن الصحّابة بالقناعة، وجميل المعاشرة بالسّمع والطّاعة، ففي حسن الصحابة راحة القلب، وفي جميل المعاشرة رضى الربّ. والثالثة والرابعة:

<<  <  ج: ص:  >  >>