(الباب السابع والأربعون في أنواع السّير والأخبار وعجائبها، وفنون الأشعار وغرائبها) من أوضح الدّلالة على ما في معرفة السّير والآثار من الفوائد، ما أودعه الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم من أنباء الغابرين وسير الماضين، وقصص رسله صلّى الله عليهم ومن أرسلوا إليه من [العالمين] ، وعجائب ما أظهره على أيديهم من المعجزات، وخصّهم بفضله من الآيات، وغيرهم، كأصحاب الفيل والأخدود، وقصّة بلعام، والإخبار عن هاروت وماروت، وغير ذلك.
ومنّ الله تعالى على نبيّه عليه الصلاة والسلام بما أطلعه عليه من سرّ الغيب إذ يقول: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا
(يوسف: ٣) . وقال في الاعتبار بهذا: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ
(يوسف: ١١١) .
وكتبه- سبحانه- القديمة [كالتوراة] والانجيل اشتملت كذلك على أخبار الماضين وقصصهم، حتى إنّ التوراة مترتّبة الأخبار من لدن آدم إلى بعثة موسى عليهما السلام.
وهي من بعد لقاح العقول، ومشكاة الأفهام، وزناد التّجارب، ومقياس التّيقظ، ومنهاج الاعتبار، وجدد السالك. وإذ قد التفّت الأبواب التي تقدّمت