قضيته لهذه الدولة بإظهارها على كلّ غامط لها نعمة، وجارّ عليها فتنة. فالحمد لله حمدا لا تضرب عليه حدود الغايات، ولا يقف عند الأقاصي والنهايات، لكنه ينمي ويزيد، ويبدأ ويعود، حتى يبلغ رضى الله سبحانه، ويقضي حقّه ويؤدي فرضه، ويقتضي وعده، بمنّه وطوله، وإحسانه وفضله.
وهذه حال يسّرها الله بيمن مولانا، وببركة أيّامه، وإقبال دولته، وسعادة جدّه، وما يجمعني إليه من جوامع الموالاة وأسباب المشاركة، فهنأه الله إياها من نعمة جلّ موقعها، وعمّ نفعها وحسن أثرها، وعزّ الولي بها، وذلّ العدوّ لها.
ولا أخلاه من استماع البشائر بأمثالها في الاستعلاء والظهور، والابتهاج والحبور، وتذلّل الخطوب، وتأتّي المحبوب، واستقامة الأمور، ومسالمة المقدور، إنه بذلك جدير وعليه قدير.
[كتاب لعبد الحميد في الفتح]
«٤٠٠» - كتاب لعبد الحميد بن يحيى في فتح: أما بعد فالحمد لله أهل الحمد ووليّه، الذي كرّم الإسلام وفضّله، واصطفاه لنفسه، وبعث به نبيّه صلّى الله عليه وسلم واختاره لمن كرم عليه من خلقه، ورضي به لعباده دينا، ثم تولّى حفظه وإكرامه وإعزازه، ونصر أهله ومن جاهد عليه، على من زهد فيه ورغب عنه، وحادّ أولياءه وابتغى غير سبيلهم. والحمد لله الذي أكرم أمير المؤمنين بخلافته، وعرّفه في ما ولّاه واسترعاه من أمر عباده وبلاده، وابتعثه له من مجاهدة أعدائه وأهل الالحاد في دينه والمخالفة لحقه، أفضل ما أرى أحدا من خلفائه في ما ولّاهم من ذلك وابتعثهم له: من العاقبة والنصر والتمكين والفلج في كلّ موطن يجمع فيه بين أهل طاعته وأهل الخلاف عليه والمعصية. والحمد لله على ما يحدث له من نعمه، ويتابع من فتوحه وكراماته، ويعرّفه من حسن قضائه له في ما حضره وغاب عنه ويوقع بعدوّه من قوارعه وسطواته وبأسه الذي لا يردّ عن القوم المجرمين.