للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتأخرين إلى مراتب المتقدّمين، حتى جمّت عنده الأموال، وتأثّلت له الأحوال، ووطىء عقبه من الأولياء من هم أكرم منه حسبا، وأفضل أمّا وأبا، وأنني حملته على حكم الرعاية الذي لا يزال يحمل عليه، من تظاهر الصنيعة لديه، وتقادم الإحسان إليه، إيفاء به على تلك الغاية، وزيادة له في الإيجاب والعناية، وإفاضة لسجال المواهب عليه حالا بعد أخرى، وثانية تلو [١] أولى، فكان يقابل جميع هذه الحقوق بالنّكث والنّقض، والكفر المحض، إرصادا للدولة، واستعدادا للوثبة، وإسرارا للغيلة، وإعمالا للحيلة، وإفسادا لسفهاء الرجال الذين علم منهم ضعف النحائز ولؤم الغرائز، والإسفاف إلى الدنية، والإيضاع في الفتنة. وتمادت بي وبه الأيام في تناولي إياه بالتسكين والتأنيس، ومضيّه على غلوائه في الإدهان والتلبيس، إلى أن بلغت عقاربه في دبيبها إلى الأخ أبي نصر، فصادف منه حدثا غرّا، وصبيا غمرا، فأزاله عن سبيل الرشاد، واستزلّ قدمه عن مقام السّداد، وساعده على جميع ذلك أوثق كتّابي- كان- عندي، وأقدمهم رتوعا في نعمتنا، وأولاهم بالوفاء لنا، لولا أنّ البطنة نزت به، والشقوة انتحت له، فلان بن فلان.

منها:

إلى أن حكم الله بينهما حكمه العادل، وأمضى عليهما أمره النافذ، بإظهار رايتنا المنصورة، وتنكيس تلك الراية المخذولة [٢] ، فانهزم أسفار وفلان، فريدين وحيدين، واستباح الأولياء ما كان هذا اللعين اشتمل عليه من أموالنا، وحاربني به من سلاحي وكراعي، وحصل الأخ أبو نصر في قبضتي أسيرا نادما، ومتأسّفا واجما، وقتل في المعركة خلق كثير من أولئك الفسقة، واستأمن الباقون، ولجج سرعان الخيل في قصّ آثار الهاربين، ولا شكّ أنّ الله يظفر بهم أجمعين على عادة


[١] م: تتلو.
[٢] يقع هنا خرم كبير في م سأشير إلى نهايته في موضعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>