للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يثقبان زنادها، ويرفعان عمادها، وشبهة باطل يطفئان نارها، ويخفضان منارها، وجمع بينهما في هذه النعمة في أمثال كثيرة لها، لا يزالان يشتركان فيها، ويتناصفان الموهبة منها، ويتراجعان البشائر والتهاني بها، بمنّه وقدرته.

٣٩٩- وكتب عن صمصام الدولة أبي كاليجار إلى فخر الدولة أبي الحسن في معنى ما جرى عليه من أمر أسفار بن كردويه عند عصيانه سنة خمسين: من أعظم النعم- أطال الله بقاء مولانا- قدرا، وأسيرها ذكرا، وأسناها خطرا، وأحسنها أثرا، نعمة سكّنت ثورة، وأطفأت فورة، وعادت على الناس بجميل الصّنع، وجليل النفع، وتظاهر [١] الأمور، وصلاح الجمهور، فتلك التي يجب أن يكون الشكر عليها مترادفا، والاعتداد بها متضاعفا، بحسب ما أزالت من المضرّة، وجدّدت من المسرّة، وأماطت من المحذور، ويسّرت من المأمول.

وحقيق على الناس أن يعرفوا حقّها، ويوفوا من حمد الله قسطها، ويتنجّزوا وعده الحقّ في إدامتها وإطالة الإمتاع بها. فالحمد لله على أن جعلنا ممن يعرف ذلك ويهتدي إليه، ويعتقده وينطوي عليه، ويؤدّي فرض الاجتهاد في الاستدامة له والاستزادة [٢] منه، وأن خصّنا من هذه النعم بذوات الفضل السّابغ [٣] ، والظلّ الماتع، الجامعة لكبت العدوّ ومساته، وإبهاج الولي ومسرّته، وهو المسؤول- جلّ اسمه وعزّ ذكره- ألا يسلبنا ما ألبسناه من سرابيلها، وأحرزناه من فضل ذيولها، وعوّدنا من جلالة أقدارها، وتعاظم أخطارها؛ ولا يعدمنا معونة منه على بلوغ أقصى الوسع في الاعتداد بها، ومنتهى الطّوق في النّشر لها، بمنّه وطوله وقوّته وحوله.

وقد عرف مولانا حال أسفار بن كردويه في اصطناع الملك السعيد عضد الدولة إياه، وجذبه بضبعه من مطارح الأصاغر إلى منازل الأكابر، ومن مزاجر


[١] ب: ونظام.
[٢] ب: والاستدامة.
[٣] ب: الشايع.

<<  <  ج: ص:  >  >>